LSE - Small Logo
LSE - Small Logo

Jack McGinn

April 12th, 2018

هل الحرمان الاقتصادي من أسباب صنع الإرهاب؟

0 comments | 3 shares

Estimated reading time: 10 minutes

Jack McGinn

April 12th, 2018

هل الحرمان الاقتصادي من أسباب صنع الإرهاب؟

0 comments | 3 shares

Estimated reading time: 10 minutes

عمر العبيدلي

Read this article in English

المشيعين في الخدمة المدنية في ذكرى الضحايا في هجوم باريس في نوفمبر 2015. Mstyslav Chernov, CC BY-SA 4.0.

ربما لا تخلو مناقشة أو حوار مع أي مسؤول حكومي وأعضاء المجتمع المدني تتعلق بالإرهاب من الإشارة إلى السياسة الاقتصادية: فلو أن هؤلاء الشباب غير المتزوجين، قد أتيحت لهم فرصة الزواج والحصول على وظائف جيدة تمكنهم من تأمين مستقبلهم اقتصادياً، ما كانوا انجرفوا إلى الإرهاب والعنف كحل. ولذا يتحتم على أية سياسة لمكافحة للإرهاب أن تتخطى الإجراءات الأمنية لتضم الإصلاحات الاقتصادية كجزء من خطتها للقضاء على الإرهاب من جذوره. ورغم أن هذه النظرية تقوم على منطق صائب، يظل السؤال الحقيقي هو مدى دقة تفهم هذه النظرية لنشأة الإرهاب؟

تفهم دوافع الأفراد للقيام بسلوكيات معينة هو الخطوة الأولي لاتخاذ التدابير المضادة الملائمة لمناهضة تلك السلوكيات، وقد قام علماء الاجتماع بدراسات عميقة حول السلوكيات الانحرافية بشتى صورها لعقود طويلة.

وهناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها تفهم دوافع الأفراد نحو السلوك الانحرافي، ولكن الأهم هو ملاحظة هؤلاء الأفراد لفترات طويلة وإجراء مقابلات معهم بصورة متكررة للحصول على نظرة ثاقبة وأكثر تعمقاً. وقد أتاح هذا المنهج لعلماء الاجتماع – من الباحثين في علم الجريمة والأطباء النفسيين – رؤية متعمقة ثاقبة لأسباب اضطلاع بعض الأفراد في سلوكيات عدائية تضر بالمجتمع.

ولكن فيما يتعلق بالإرهاب وسلوك أفراده الانحرافي، نادراً ما يكون اتباع هذا المنهج العلمي في الدراسة خياراً متاحاً، خاصة في الحالات البارزة من الإرهاب الدولي. فكثير من الإرهابيين إما يلقون حتفهم أثناء تنفيذ عملياتهم الإرهابية، وإما يتم إلقاء القبض عليهم ووضعهم في سجون تحت الحراسة المشددة. ويأتي السماح لعلماء الاجتماع بدراسة هؤلاء الإرهابيين وسلوكهم على ذيل قائمة أولويات السلطات. بل والأدهى من هذا، أنه عادة ما يكون هؤلاء الإرهابيين أعضاء في منظمات كبيرة، ولذا تحرص السلطات دائماً على عزل هؤلاء الأفراد تماماً لتتمكن من استخراج المعلومات والبيانات الخاصة بالمتورطين معهم في المنظمة ومنهجية الدعم لمنظماتهم. وبالتالي، السماح لأي عالم أكاديمي بإجراء مقابلة مع أحد الإرهابيين يعتبر تقويضاً لتلك الجهود الهادفة لوقف شركائه من التسبب في مزيد من الدمار والقتل.

نتيجة لكل ما سبق، بالكاد تسنح الفرصة للأكاديميين والباحثين من الحصول على دليل مباشر يتعلق بدوافع تلك العناصر الإرهابية؛ بل جل ما يتاح لهم هو الاعتماد على مصادر غير مباشرة: عن الخصائص الاجتماعية الديموغرافية التي عادة ما تلازم هؤلاء الإرهابيين؟ ما هي شكاواهم واعتراضاتهم التي صرحوا بها في لقاءاتهم الإعلامية؟ إلى أي مدى تُتاح لهؤلاء العناصر فرص اقتصادية بديلة عن ذلك المسار الذي سلكوه؟

وقبل أن نبدأ في مراجعة وفحص تلك البيانات المقترحة، علينا أولاً أن نوضح مشكلة جذرية تتعلق بمحاولة تحليل الإرهاب كسلوك، وهي أن دوافع العناصر الإرهابية عادة ما تبدو شديدة الخصوصية لطبيعة النزاع الذي يجدون أنفسهم طرفاً فيه. بمعنى، أن أي صانع للقرار إن أراد أن ينظر في إيجاد حل لمشكلة العناصر الإرهابية الإسلامية ممن قاموا بتفجير المساجد في الشرق الأوسط قد يجد مصدراً مفيداً من المعلومات من خلال إجراء لقاءات مع الإرهابيين الانفصاليين ممن قاموا بتفجير القطارات في أوروبا. ولكن لا يزال هذا مصدر محدود من المعلومات قاصراً على هذا النوع من الإرهاب ولا يمكن تعميمه على أي نزاع آخر.

وبالرغم من كل هذه التحديات والعوائق، ما الذي تعلمناه حقاً من العلاقة بين الحرمان الاقتصادي والإرهاب؟ من منظور عام، الصورة غير واضحة، وأحياناً تبرز تناقضات في الاستنتاجات.

فعندما ننظر إلى الدليل القائم على خصائص العنصر الإرهابي، نجد أن العوامل الاقتصادية لا دور لها في هذا السياق. فالعناصر الإرهابية في الغالب أفراد على درجة عالية من التعليم ولديهم وظائف مرموقة. وإن كانت هذه النقطة تبدو غير منطقية، فهذا يعود إلى المنظور القاصر للعناصر الإرهابية والدافع لقرارهم في هذا السلوك المنحرف: فهذا المنظور يقوم على اعتقاد بأن حصول أي فرد على تعليم ووظيفة جيدتين يعني بالضرورة أن قرار اللجوء للعنف يمثل خسارة ضخمة لإنجازات هذا الفرد؛ ولكن ما يغفله هذا المنظور أن كون المرء على درجة عالية من التعليم وتوافر فرصة عمل جيدة له يمكنه من تطوير وعيه السياسي ودرجة الفكر المطلوبة للإيمان بقضية سياسية. علاوة على هذا، فمن وجهة نظر القائمين على تجنيد تلك العناصر الإرهابية، التعليم العالي من أهم عوامل الجذب، لأنهم في الغالب سيكونون أكثر كفاءة في تنفيذ العمليات الإرهابية من أي فرد آخر من ذوي القدرات والإمكانيات المحدودة.

في ضوء الاستنتاجات السابقة، يرى بعض المتخصصين في مكافحة الإرهاب أن الإصلاحات الاقتصادية أداة غير فعالة في القضاء على الإرهاب. بل، جل ما تروج له هذه الفكرة هو التركيز على تقويض الدعم المالي والتنظيمي الذي يعتمد عليه هؤلاء الإرهابيين.

إلا أن الدراسات الخاصة بكل دولة على حدة تمنحنا معطيات أخرى لتلك الرؤية. ففي عدد من البلدان من بينها الجزائر وسيرلانكا وتركيا، وجد أن هناك دليلاً فعلياً على تصاعد الإرهاب الداخلي بقوة بالتزامن مع تدهور الأحوال الاقتصادية، مؤكدة على أن الإصلاحات الاقتصادية لها دور حقيقي كاستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب.

إذن، كيف يمكن لصناغ القرار وواضعي السياسات أن يوفقوا بين تلك الاستنتاجات المتعارضة؟ الحقيقة، أن أبرز توصية في الأبحاث الأكاديمية في هذا المجال هي الاعتراف بعدم وجود بيانات كافية على الإرهاب، خاصة في الشرق الأوسط، حيث الاعتماد المفرط على بيانات النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي يعد من أكثر تفرداً في طبيعته، لا يتيح لنا إلا رؤية محدودة وقاصرة على باقي أجزاء الشرق الأوسط. ولذا فهناك حاجة حقيقة لأن تقوم السلطات الأمنية بتوطيد علاقاتها مع علماء الاجتماع والسماح لهم بدراسة هؤلاء الإرهابيين عن قرب.

فضلاً عن هذا، بالنسبة إلى الشرق الأوسط، لابد وأن تتم البحوث من قِبل باحثين عرب ومسلمين. ففي كثير من الحالات، يتولى البحث عن حلول لمشكلة الإرهاب غير العالمين بالفوارق الدقيقة بين دول المنطقة. كما أن ضحايا العنف ومن عايش نشأته وتطوره بشكل مباشر هم الأكثر تحمساً وتحفزاً لإيجاد حل حقيقي للقضاء عليه. وحتى يتم معالجة مشكلة ضعف الإسهامات من قبل باحثي الشرق الأوسط، يمكننا حينها فقط أن نأمل في الوصول إلى تفهم حقيقي جازم لدور الحرمان الاقتصادي في دعم الإرهاب في الشرق الأوسط.


عمر العبيدلي (@omareconomics) مدير برنامج الدراسات الدولية والجيو-سياسية في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، وأستاذ اقتصاد مشترك منتسب في جامعة جورج ميسون، وباحث أول منتسب في مركز مركيتس.

Print Friendly, PDF & Email

About the author

Jack McGinn

Jack is the Communications Coordinator at the LSE Middle East Centre. He manages the blog and edits the paper series.

Posted In: MENA Region | Research

Leave a Reply

Bad Behavior has blocked 2746 access attempts in the last 7 days.