LSE - Small Logo
LSE - Small Logo

Taif Alkhudary

Hashim Al-Hussaini

January 10th, 2024

الإنتخابات المحلية في العراق: أحزاب المحافظين تلتهم القوى التقليدية

0 comments | 1 shares

Estimated reading time: 8 minutes

Taif Alkhudary

Hashim Al-Hussaini

January 10th, 2024

الإنتخابات المحلية في العراق: أحزاب المحافظين تلتهم القوى التقليدية

0 comments | 1 shares

Estimated reading time: 8 minutes

هاشم الحسيني و طيف الخضيري

Rudaw التصويت في الانتخابات في ديسمبر/كانون الثاني 2023. المصدر

يناقش هذا المقال الصعود المفاجئ لقوائم يرأسها المحافظون في خمس محافظات عراقية (البصرة، ذي قار، واسط، كربلاء ونينوى) كسبت فيها هذه القوائم أكثر من نصف المقاعد وأثر هذه النتائج على الخارطة السياسية للبلاد. فعند تولي السيد محمد شياع السوداني مهام الحكم في العراق، كانت من بين أولويات حكومته إجراء انتخابات محلية لاختيار أعضاء مجالس المحافظات. كان قد تم تجميد عمل هذه المجالس بعد الإحتجاجات التي شهدها البلاد في تشرين الثاني 2019، وذلك في إطار جهود تلبية مطالب المتظاهرين وتهدئة الغضب العام آنذاك. تم اسناد هذا التجميد إلى مبررات قانونية، حيث أن العمر المحدد قانونياً للمجالس قد انتهى، و استمرت هذه المجالس لفترة تزيد عن سنتين بعد انقضاء فترة صلاحيتها القانونية.

شهدت الانتخابات مشاركة واسعة من جميع الفئات السياسية، باستثناء التيار الصدري الذي قاطع العملية الانتخابية للمرة الأولى في تاريخه. كما شهدت محافظة كركوك إجراء  انتخابات محلية للمرة الأولى منذ عام 2005.  شارك في هذه الانتخابات (5915) مرشحاً موزعين على 29 حزب  سياسي و39 تحالف انتخابي، بالإضافة إلى 66 مرشحاً مستقلاً، وذلك من أجل الفوز بـ 285 مقعد  في 15 محافظة، تشمل 10 مقاعدٍ حصة للأقليات و75 مقعد مخصصة لحصة النساء.

تعتبر السمة البارزة في هذه الانتخابات وجود القوى المدنية التي شاركت في تحالف واحد تحت اسم تحالف قيم المدني. يضم هذا التحالف مكونات سياسية متنوعة، حيث يشارك في الانتخابات للمرة الأولى بعض أحزابه، مثل حزب البيت الوطني الذي يعتبر أحد الأحزاب الاحتجاجية البارزة بالإضافة الى احزاب تقليدية أبرزها الحزب الشيوعي العراقي.

مهام مجالس المحافظات

حدد قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008 وتعديلاته مهام وصلاحيات مجالس المحافظات والتي حددتها المادة 7 من القانون وتنحصر في ممارسة وظائف اصدار التشريعات المحلية والانظمة والتعليمات وإقرار نظام داخلي له، ورسم السياسات العامة للمحافظة وتحديد اولوياتها، والرقابة على جميع أنشطة دوائر الدولة فيها، واستجواب المحافظ ونوابه، وأداء الوظيفة المالية الخاصة بموازنة المحافظة وقبول التبرعات والهبات وغيرها، فضلاً عن الوظائف السياسية كإنتخاب و اقاله رئيس المجلس ونائبه، و كذلك المحافظ  ونائبيه، والموافقة على تعين و إعفاء الاشخاص لإشغال المناصب العليا، والمصادقة على الخطط الأمنية المحلية. كما أن للمجلس صلاحيات إدارية كإجراء التغييرات الإدارية على وحدات المحافظة بالدمج أو الاستحداث أو تغيير اسمائها ومراكزها.

 وعلى الرغم من الدور التشريعي المحلي المهم لهذه المجالس الا أنها أخفقت في الدورات السابقة على مستوى العراق في انجاز أي تشريع محلي وانحسر دورها في المراقبة ومتابعة المؤسسات والدوائر المحلية وانتخاب المحافظين. تعطي هذه المهام والأدوار التي يضطلع بها مجلس المحافظة سلطة مهمة على المستوى المحلي بحيث تحجب الصلاحيات المركزية وتقلص هيمنة المركز على حكومات المحافظات. وتشكل هذه الأدوار و المهام بوابة للانتخابات البرلمانية حيث أن الأحزاب السياسية التي تنجح في السيطرة على محافظة معينة يمكنها تحقيق مكاسب جماهيرية على مستوى تلك المحافظة من خلال تقديم الخدمات او استخدام الصلاحيات لتمكين اعضاءها في المؤسسات المحلية مما يوفر لها مساحة انتخابية مريحة في الانتخابات البرلمانية.

على الرغم من أن دور مجالس المحافظات يساهم في تعزيز اللامركزية والخروج من عباءة مركزية الدولة ونقل التخطيط للشؤون المحلية الى حلقة ضيقة داخل المحافظة فنلاحظ غياب البرامج الانتخابية الخاصة بشؤون المحافظات.

البرامج الانتخابية في الانتخابات الاخيرة

تميزت الدعاية الانتخابية في العراق بالاستجابة القوية للواقع القائم في وقتها حيث انتقل الخطاب السياسي للأحزاب بين انتخابات 2005 و2023 من الخطاب الطائفي الى الخطاب الامني ومن ثم الخطاب المدني والخدمي ولكن في الانتخابات الاخيرة كانت الدعاية مختلفة فقد برز عدد من الدعوات التي اتسمت بالطائفية مرة والمناطقية اخرى حيث ظهر في بغداد الكثير من الاصوات تدعو الجماهير للمشاركة خوفاً من اختطاف بغداد وديالى ذوات المساحات الجماهيرية المشتركة من القوى الشيعية التي تعتبرها من اهم مناطق نفوذها وتشاركها في ادارتها القوى السنية التي تحصل عادة على رئاسة مجلس المحافظة مقابل منصب المحافظ ونشأ هذا الخوف نتيجة لغياب التيار الصدري ذو النفوذ الجماهيري الأقوى في بغداد والذي كانت مشاركته في السابق ترجح كفة القوى الشيعية.

فقد أكد نوري المالكي أن “الغياب عن الانتخابات لن يحقق الشراكة والإصلاح، بل يسبب خللاً في التوازن بين المكونات” كما ذكر عمار الحكيم في اكثر من تجمع انتخابي لأنصاره أن “منع الناس من المشاركة سيخلق نتائج غير متوازنة في تمثيل المكونات الاجتماعية، خاصة في المحافظات ذات التمثيل المتنوع”، محملاً من سماهم بـ”دعاة منع الناس من المشاركة”، “مسؤولية اختلال التوازن وحالة عدم الاستقرار التي ستترتب عليه”. و بالإضافة إلى ذلك ظهر نوع من الخطاب السياسي المناطقي الذي يدعو الى الخروج من عباءة بغداد وسلطتها واحتكارها القرار السياسي والخروج عن وصايتها، وقد قاد هذا الخطاب عدد من المحافظين الذين رفضوا الترشح ضمن القوائم الانتخابية التقليدية وأسسوا قوائمهم الخاصة.

قانون سانت ليغو المعدل الكبير يبتلع الصغير

على العكس من قانون الصوت الواحد غير المتحول والترشح الفردي والدوائر الانتخابية المتعددة على مستوى المحافظة الواحدة، يعد قانون سانت ليغو بصيغته العراقية المحورة والمحافظة دائرة انتخابية واحدة، من أهم أسباب ضياع البرنامج الانتخابي للمرشح، حيث يجبر المرشحون على الترشح مع أحزاب سياسية ليضمن تحقيق المنافسة مما يضعه في قالب الأحزاب التي تطغي عليها سمة غياب البرامج الواقعية في زحمة التنافس من خلال طرق وآليات ترويجية قد تتعارض مع ما يتبناه المرشح، حتى أن الأحزاب الجديدة والتحالفات المدنية انجرفت في دعايتها الانتخابية الى الوعود والاساليب الشعبوية لأنها تعي جيداً ان السلوك الشعبوي هو من يحقق الفوز بينما يغيب المرشحون أصحاب المشاريع الحقيقية والأدوات التنافسية السليمة في زحمة التدافع بالمال أو السلاح أو السلطة وامكانياتها. حيث يظهر تأثير قانون الانتخابات الحالي في كيفية تسخير الأحزاب السياسية لموارد الدولة، فقد كان لملف الشمول في شبكة الحماية الاجتماعية الفضل في الصعود الكبير لتحالفات انتخابية كبيرة سخرت هذا الملف للدعاية الانتخابية وعلى أثر ذلك وجه السوداني في جلسة مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بضرورة ايقاف هذه التصرفات ولكن لم يتم الالتزام بهذه التوجيهات واستمرت هذه الممارسات حتى آخر يوم في الحملة الانتخابية.

و كذلك الحال في ملف توزيع الاراضي السكنية الذي سخره المحافظون كدعاية انتخابية، متحديّن به توجيهات حكومية صريحة بتأجيل هذا الملف لما بعد الانتخابات، التوجيه الذي لم يلتزم به المحافظون ومنهم محافظ البصرة السيد اسعد العيداني الذي قام بتوزيع  آلاف قطعة أرض سكنية لشرائح متعددة وكذلك الحال بالنسبة لمحافظة واسط وذي قار.

أحزاب المحافظين والقفز المباغت

تمثل مرحلة ما بعد احتجاج 2019 في العراق مرحلة جديدة بالنسبة للنظام السياسي حيث شهدت هذه المرحلة دخول قوى سياسية جديدة ساهمت في تغيير موازين القوى التي كانت محتكرة بيد أحزاب السلطة فقد شهدت انتخابات 2021 خارطة جديدة من القوى المدنية الفائزة لكن سرعان ما اعادت الاحزاب التقليدية سيطرتها وأحكمت قبضتها على مقاليد السلطة بعد تمكن قوى الاطار التنسيقي (وهو الإئتلاف الشيعي الأكبر) من ازاحة التيار الصدري الفائز الاكبر في انتخابات 2021 ب73 مقعد بعد عدة محاولات من قبل الأخير باءت جميعها بالفشل لينسحب بعدها من العملية السياسية بتقديم نوابه ال73 استقالاتهم. كما استطاعت القوى التقليدية عزل القوى الجديدة وتقليص مساحتها الجماهيرية من خلال استقطاب أغلب قياداتها أو تحجيمهم من خلال تعطيل قدرتهم على تنفيذ برامجهم الانتخابية أو تعطيل مصالح جماهيرهم من خلال أدواتهم الحكومية. بالإضافة إلى قطع الطريق أمامهم من خلال تعديل قانون الانتخابات والذي كان له الدور الابرز في تمكين القوى الجديدة من الوصول الى البرلمان حيث أعادت القوى التقليدية قانون سانت ليغو بالقاسم 1.7 بدلاً من قانون الصوت الواحد غير المتحول والدائرة الانتخابية الواحدة بدلاً من الدوائر الانتخابية المتعددة على مستوى المحافظة الواحدة. وظهر هذا الاستحواذ وإعادة الهيمنة في نتائج الانتخابات الاخيرة التي أظهرت سيطرة القوى التقليدية على المشهد وظهور قوى جديدة تنافس في مساحات جديدة غير المساحات السابقة المتمثلة بالصراع القائم بين القوى المدنية وقوى الاسلام السياسي.

على الرغم من الاحتياطات الكبيرة التي اتخذتها القوى التقليدية لمنع صعود منافسيها، إلا أن المحافظين كان لديهم رأي آخر. فقد أسس حزب  المحافظينقوائم انتخابية خاصة بهم كنوع من الاستقلال المحلي ورد الفعل على مركزية القرار وهيمنة أحزاب بغداد على المحافظات. وهذه القوائم هي خطوة استباقية من قبل المحافظين الذين يطمحون لتجديد ولايتهم. و قد تكون هذه السابقة خطوة مهمة في اتجاه نزع هيمنة الأحزاب التقليدية وترسيخ مبدأ اللامركزية السياسية، لو نجحت. ولكن بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات، بدأت الأحزاب التقليدية تحركاتها القوية لضمان تحييد هذه الأحزاب الناشئة وتقليل فرصها في الهيمنة. وذلك لأنها تعي جيداً أن نجاح هذه الأحزاب محلياً يعني منافسة شرسة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، مما يقلل من مساحات الأحزاب التقليدية التي تُحكم منذ عشرين عاماً قبضتها على موارد الدولة.

 

Print Friendly, PDF & Email

About the author

Taif Alkhudary

Taif Alkhudary is a PhD candidate at the Department of Politics and International Studies, University of Cambridge. She tweets at @ALKTaif

Hashim Al-Hussaini

Hashim Al-Hussaini is the Director of research Department at PSDIraq. He is also a political activist. He tweets at @HashimJMo

Posted In: Iraq

Leave a Reply

Bad Behavior has blocked 2070 access attempts in the last 7 days.